ثورة معلمين كبيرة في مدارس الإمارات وهذا هو السبب

دعا معلمون في مدارس خاصة إلى إلزام إدارات المدارس بتخفيف الضغط الإداري والتكليفات غير الأكاديمية التي تلقيها على كاهل المعلم، لكي يتفرغ لمهامه التدريسية في الصف، وما يتبعها من عمليات تحضير وإعداد أوراق عمل وإجراء تقييم للطلبة، ما يترتب عليه زيادة تركيزه وتحسين طرق الشرح، وهو ما يعود بالنفع على مستوى الطلبة والمخرجات التعليمية بشكل عام، مشيرين إلى أن غياب التحفيز من قبل الإدارة المدرسية، وإرهاق المعلم بالأعباء الزائدة عن مهامه التدريسية يؤثران سلباً في أدائه.

وقال إداريون في مدارس خاصة، إن الرواتب في القطاع الخاص تعتمد على العرض والطلب، ويتم تحديدها بناء على عدد سنوات الخبرة والشهادات الدراسية الحاصل عليها المعلم، ونوع المادة الدراسية، ونصاب الحصص التي سيقوم بتدريسها.

وأضافوا أن هناك عوامل أخرى تتحكم في الرواتب، منها تصنيف المدرسة، ونوع المنهاج، والرسوم الدراسية التي تحصلها المدرسة من الطلبة، والتي يتم تحديدها من قبل دائرة التعليم والمعرفة.

وتفصيلاً، شكا معلمون في مدارس خاصة ثقل أوضاعهم المادية والمعنوية نتيجة طبيعة المهام الوظيفية المنوط بهم أداؤها، وعدد ساعات العمل التي يقضونها، والتي تفوق النصاب المحدد، إضافة إلى قيامهم بأعمال إدارية خاصة ليس لها علاقة بالمناهج والبرامج، وإلزامهم بأداء ساعات التدريب الإلزامي خلال العطلات.

وأكد معلمون، محمد رياض، وشريف البيلي، وميسون حامد، ونهى نصيف، أن «مهنة التعليم في المدارس الخاصة، تحديداً، ستظل طاردة، بسبب زيادة المتاعب، وقلة الحافز المالي والمعنوي، وافتقار المعلم للامتيازات الوظيفية، مقارنة بالقطاعات الأخرى، وبطء وصعوبة التدرج الوظيفي، وتراجع مكانته المجتمعية».

وأشار المعلمون، قيس شاهين، ونادين صلاح، ورباب حسن، إلى تكليفهم في كثير من الأوقات بتدريس بعض المواد من خارج تخصصاتهم لتغطية النقص، لافتين إلى أن «كل هذه المهام والتكليفات التي تفرض على المعلم يقابلها تدنٍ في الرواتب، حيث تستغل الإدارات المدرسية حاجتهم للعمل، وتحدد رواتب لا ترتقي إلى مستوى عطائهم وخبراتهم ومؤهلاتهم، كما أنها لا تساعد المعلم على العيش بشكل يحفظ للمهنة رونقها، ما ينعكس سلباً على مستوى التعليم الخاص ومخرجاته، لاسيما في ظل التغير والتطوير الذي يشهده قطاع التعليم بشكل عام».

وانتقد المعلمون أسلوب إعطاء الأوامر والطلبات الإدارية التي يتم التعامل بها من قبل إدارات مدرسية، ووصفوها بـ«المستفزة»، مشيرين إلى أن «الأمر لا يقتصر على الإدارة، بل امتد إلى رؤساء الأقسام، وأصبح التهديد بإنهاء الخدمات جملة متكررة».

وقالت معلمة رياضيات، منى أحمد، إنها حاصلة على مؤهل تربوي، ولديها خبرة في المدارس الحكومية، وبعد انتهاء التعاقد معها قدمت طلبات للعمل في مدارس خاصة، وتم قبولها في إحدى المدارس بأجر لا يتجاوز 4000 درهم، مضيفة أنها حاصلة على ماجستير في تخصصها، وتقوم بتدريس أكثر من مرحلة تعليمية، إضافة إلى تقديم حصص في تخصصات الفيزياء والكيمياء، لعدم توافر معلمين، ويتجاوز نصابها 30 حصة، كما أنها تكلف أحياناً ببعض الأعمال الإدارية، علماً بأن المدرسة لا تتحمل تكاليف إقامتها أو البطاقة الصحية، وتخصم عليها الإجازات الطارئة، لاسيما الصحية، وبالتالي تجد نفسها تعمل بلا رغبة وبلا حوافز، ما ينعكس سلباً على قدرتها على العطاء.

وأشارت معلمة أخرى، ريهام جمال، إلى قبولها في مدرسة خاصة، وداومت 20 يوماً، كان نصاب الحصص خلالها مرتفعاً جداً، إضافة إلى المناوبات والإذاعة وتحضير الدروس بصيغة «بوربوينت». وقالت إنها لم تستطع إكمال العمل، بسبب زيادة الأعباء، فقدمت استقالتها.

وأكد مسؤولون إداريون في مدارس خاصة بأبوظبي، محمد سعود، وكريمة إبراهيم، ونوال صبري، أن مهنة التعليم لها خصوصية، وتختلف عن بقية المهن، حيث يعمل المعلم نحو ثمانية أشهر فقط في العام، تتخللها العطلات الأسبوعية، والعطلات الرسمية، ويحصل المعلمون على أربعة أشهر إجازات (الإجازة الصيفية وإجازات الفصلين الدراسيين الأول والثاني).

وأكدوا أن دوام المعلمين يختلف عن دوام الطلبة، حيث يداوم الطلبة ست ساعات ونصف الساعة، فيما يداوم المعلمون ثماني ساعات، ما يسمح لهم بالبقاء بعد انصراف الطلبة للانتهاء من مهامهم أو مقابلة ذوي الطلبة، لافتين إلى أن المهام التي يشتكي منها بعض المعلمين خاصة بالأنشطة اللاصفية، التي تدخل ضمن العملية التعليمية ولا تنفصل عنها، فيما تتحمل المدرسة أي تكاليف خاصة بالأنشطة التي يقوم المعلمون بإعدادها، إضافة إلى أن المهام الصفية والمهام اللاصفية منصوص عليها في العقد، والمعلم يكون على علم بها قبل التوقيع مع المدرسة.

وأشاروا إلى أن الرواتب في القطاع الخاص تعتمد على العرض والطلب، ويتم تحديدها بناء على عدد سنوات الخبرة، والشهادات الدراسية الحاصل عليها المعلم، ونوع المادة الدراسية، ونصاب الحصص التي سيقوم بتدريسها، كما يتحكم فيها تصنيف المدرسة، ونوع المنهاج، والرسوم الدراسية التي تحصلها من الطلبة، والتي يتم تحديدها من قبل دائرة التعليم والمعرفة، مشيرين إلى أن الرواتب في المدارس الخاصة تبدأ من 4000 درهم وتصل إلى 30 ألفاً.

إلى ذلك ألزمت دائرة التعليم والمعرفة المدارس الخاصة بضمان حماية الحقوق الأساسية لأفراد المجتمع المدرسي في جميع الأوقات، والتأكد من فهم جميع الأعضاء المسؤوليات التي ترتبط بوظيفة كل منهم، إضافة إلى توفير كل مدرسة لأعضاء الهيئات الإدارية والتدريسية والهيئات الأخرى ما لا يقل عن 25 ساعة من ساعات التطوير المهني المقررة سنوياً بشكل مجاني، ولا تحتسب الساعات المخصصة لبرامج التدريب والتطوير المهني ضمن الأعباء التدريسية للمعلمين.

وأكدت الدائرة «في دليل سياسات المدارس الخاصة»، أن مدير المدرسة ملزم بضمان الحقوق القانونية للموظفين، وضمان إعداد دليل التوظيف ونشره وتطبيقه وتحديثه بصورة دورية، وأن يتضمن الدليل تفاصيل القيود التعاقدية الخاصة بمدة العمل، وتفاصيل الدروس التي يغطيها المعلمون الاحتياطيون والتأكد من أن جميع الموظفين يدركون تماما الآثار المترتبة على شروط العقد، وتطبيق نظم واضحة وشفافة لشروط التوظيف وعقود الموظفين.

«التعليم والمعرفة»:

  • المدرسة ملزمة بضمان الحقوق القانونية للموظفين، وإعداد دليل توظيف يتضمن تفاصيل القيود التعاقدية، والدروس التي يغطيها معلمو الاحتياط.

19 التزاماً

حددت دائرة التعليم والمعرفة 19 التزاماً على المعلمين، شملت الالتزام بتجسيد المعايير العالية، وتحقيق مخرجات المناهج الدراسية، والحصول على التأهيل المناسب، وامتلاك المهارات والأساليب الفاعلة للإدارة الصفية، واستخدام التفكير الإبداعي، والتفاعل مع الطلبة بحيوية، والقدرة على إلهام الفكر وتحفيز الفضول العلمي، وامتلاك مجموعة متنوعة من أساليب التعلم، وامتلاك مهارات في الاستخدام الفاعل للمصادر المتنوعة للتعلم، والاستعداد لقبول التغيير وتوظيف المناهج الدراسية في الابتكار.

وتتضمن بقية الالتزامات إتقان طرق القياس الدقيقة، والالتزام بالعمل الجماعي، والرغبة في التواصل الفاعل مع أولياء الأمور، والمساواة في الفرص التعليمية للطلبة، وتحقيق مستويات تعلم عالية الجودة، وتطوير مهارات عديدة، إضافة إلى محتوى المناهج الدراسية، والتركيز على إعداد الطلبة إعداداً جيداً للعمل، والشعور بالمسؤولية المشتركة للتعلم، ومساعدة الطلبة على الانضباط السلوكي، إضافة إلى تشجيع الطلبة على بذل جهد للتعلم والتطور.

العزوف عن المهنة

أكد معلمون في مدارس خاصة أن الأعباء المكلف بها المعلم وأوقات الدوام، التي تستمر معه بعد عودته إلى المنزل، وما يقابل كل ذلك من تدني الرواتب، تندرج ضمن أسباب عزوف المواطنين عن العمل في المدارس الخاصة، وبحث معظمهم عن فرص وظيفية في قطاعات أخرى، مشيرين إلى أن إدارات المدارس تبالغ في المتطلبات والتكليفات، وتحمّل المعلمين أعباء إضافية ترهقهم، وتنفر العاملين من الاستمرار في المهنة، منها ملفات الإنتاج، والتوثيق، وتنظيم تدريبات التنمية المهنية في أيام الإجازات، والدوام المبكر قبل نهاية الإجازات، وتخصيص أوقات بعد اليوم الدراسي للقاء ذوي الطلبة، وغيرها من التكليفات الإدارية المفروضة على المعلمين، والتي تؤدي إلى تشتيتهم. كما يترتب على هذه الأعباء انشغال المعلم عن عمله الأساسي في تدريس الطلبة.