تداول لتواصل الاجتماعي في الساعات القليلة الماضية صورة تدعي أن خرائط جوجل قامت بحذف اسم سيناء من بياناتها، وروج بعض الأشخاص لفكرة أن هذا الحذف يرتبط بتنفيذ مخطط غربي لتوطين سكان غزة في سيناء، وهناك أشخاص آخرين يعتقدون أن اسم سيناء ربما تم حذفه استجابةً لتوصيات المستخدمين، ولكن الحقيقة هي أن جميع هذه المزاعم غير صحيحة ولا أساس لها، ولم يتم العثور على أي دليل يدعم وجود اسم سيناء كمنطقة بخاصية اسمها قبل تناقل الصورة المذكورة مؤخرًا.
خريطة شبه جزيرة سيناء بالقمر الصناعي – مصدر الصورة: خرائط جوجل
لفهم هذا الأمر بشكل أفضل، يجب أن نشرح عمل خرائط جوجل أولاً، حيث تقسم الخرائط إلى قارات ودول ذات حدود واضحة، ثم تُقسم الدول إلى محافظات ذات حدود واضحة أيضًا، وفي حالة كان اسم عاصمة المحافظة هو نفس اسم المحافظة، فإن الاسم سيظهر بشكل طبيعي على الخرائط، مثل محافظة المنيا على سبيل المثال، أما إذا كان اسم العاصمة مختلفًا عن اسم المحافظة، فلن يظهر لنا أي مدينة تحمل اسم الدقهلية أو الشرقية على الخرائط، بل ستظهر لنا المدينة العاصمة، وهذه الحالة تنطبق أيضًا على سيناء، حيث تتألف من محافظتين، شمال سيناء وجنوب سيناء، عاصمة شمال سيناء هي العريش، وعاصمة جنوب سيناء هي الطور.
عند البحث عن سيناء على خرائط جوجل باللغة الإنجليزية، ستظهر لنا بوضوح “NORTH SINAI GOVERNORATE” مع حدودها المحددة كما هو موضح في الصورة المرفقة، وتنطبق الحالة نفسها عند البحث عن جنوب سيناء باسم “SOUTH SINAI GOVERNORATE”، كما هو موضح في الصورة المرفقة، وبالتالي، فإن اسم سيناء لم يتم حذفه، ومحافظتي شمال وجنوب سيناء لا يوجد بهما أي تغييرات.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية قد أعرب عن قلقه تجاه فكرة نقل المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، حيث أشار إلى أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى نشر فكرة المقاومة والقتال في سيناء. وهذا قد يجعل سيناء مركزًا للجماعات التي تستهدف إسرائيل، مما يعطي إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وأمنها.
وأكد الرئيس السيسي، أن مصر تسعى جاهدة لتحقيق السلام، مشددًا في الوقت نفسه على أهمية عدم تقديم فكرة غير قابلة للتنفيذ في الواقع، مما يشير إلى فكرة نقل الفلسطينيين إلى سيناء.
بدلاً من ذلك، اقترح الرئيس السيسي أن صحراء النقب في إسرائيل يمكن أن تكون بديلًا أكثر مناسبة لهذا الغرض، وأشار أيضًا إلى أن هذه العملية قد تستغرق وقتًا طويلاً وتشكل تحديات وتبعات يجب أن نكون على استعداد لمواجهتها، ومن بين تلك التبعات، يمكن لسيناء أن تتحول إلى قاعدة لأعمال الإرهاب ضد إسرائيل، وبالتالي يجب على مصر تحمل المسؤولية عن ذلك.
تعد شبه جزيرة سيناء أو سيناء “أرض الفيروز” واحدة من المناطق السياحية الرائعة في مصر، حيث تقع هذه الشبه جزيرة ذات الشكل المثلث في الجزء الشمالي الشرقي لجمهورية مصر العربية، وتحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب خليج السويس وقناة السويس، ومن الشرق فلسطين التاريخية وخليج العقبة، ومن الجنوب البحر الأحمر، بالإضافة إلى أنها تعتبر حلقة الوصل بين قارتي أفريقيا وآسيا.
تنقسم شبه جزيرة سيناء إلى عدة مناطق إدارية، بما في ذلك محافظات شمال سيناء وجنوب سيناء، ومدينة بورفؤاد التابعة لمحافظة بورسعيد، ومركز ومدينة القنطرة الشرقية التابعة لمحافظة الإسماعيلية، وحي الجناين التابع لمحافظة السويس، وتضم سيناء العديد من المعالم السياحية والمحميات الطبيعية والمزارات الدينية، مثل شرم الشيخ ودهب ورأس سدر وطابا ونويبع ومحمية رأس محمد ومحمية نبق، بالإضافة إلى العديد من الأماكن الأخرى.
تاريخيًا، لعبت شبه جزيرة سيناء دورًا هامًا في الأحداث التاريخية، مثل الحملة الصليبية الأولى وافتتاح قناة السويس في عام 1869، كما شهدت فترات طويلة من الصراع العربي الإسرائيلي، بما في ذلك العدوان الثلاثي في عام 1956 وحرب يونيو 1967 وحرب أكتوبر 1973.
وفيما يتعلق بتسميتها، أختلف المؤرخين حول أصل كلمة “سيناء”، فهناك من يشير إلى أنها تعني “الحجر” بسبب وفرة الجبال في الجزيرة، وهناك من يقول أن اسمها في الهيروغليفية القديمة يُطلق عليها “توشريت”، وتعني “أرض الجدب والعراء”، وفي التوراة، يُشار إليها باسم “حوريب” الذي يعني “الخراب”، ومنهم من قال أنه يعود تسمية الجزء الجنوبي من سيناء إلى الإله “سين”، إله القمر في الديانة البابلية القديمة، وتعد عبادته شائعة في غرب آسيا، بما في ذلك فلسطين، كما يتمتع إله القمر المصري “تحوت” بشعبية كبيرة في سيناء، حيث كانت عبادته انتشارًا واسعًا. ومن المعروف من خلال نقوش سرابيط الخادم والمغارة أنه لم يكن هناك اسم محدد لسيناء، ولكن يتم الإشارة إليها في بعض الأحيان بكلمة “بياوو” وتعني “المناجم” أو ببساطة “بيا” أي “المنجم”، وتُشير مصادر مصرية أخرى من عصر الدولة الحديثة إلى سيناء باستخدام أسماء مثل “خاست مفكات” وأحيانًا “دومفكات” والتي تعني “مُدرجات الفيروز”.