صحافية يمنية شهيرة تتحدث عن “المحظور” وكيف تتفاخر بوصفها بالمثلية والشاذة جنسيا “اسم وتفاصيل”

“وجدتُ الكثير من التغريدات تقول لي ‘أنتِ مثلية’. باعتقادهم أنني سأغضب أو سأشعر بالإهانة من هذا الوصف. مخطئون. وصفي بالمثلية ليس إهانة ولا تحقيراً ولا يزعجني نهائياً. إنه صفة، تماماً مثل وصفي بأني شقراء وأنا قمحية”.

جاءت هذه الكلمات على لسان الصحافية والناشطة الحقوقية اليمنية هند الإرياني في 12 يناير/كانون الثاني بعد نحو ثلاثة أسابيع من كتابتها مقالاً على موقع إذاعة مونت كارلو الدولية بعنوان “لماذا الخوف من المثليين؟”.

لفتت الإرياني إلى أنها تطرقت للموضوع عقب قراءتها تعليقات على صفحة برنامج جعفر توك على فيسبوك حول “حياة رئيسة الوزراء الفنلندية التي تربّت في كنف عائلة مثلية الجنس”، مشيرة إلى أن التعليقات بيّنت لها “لأي مدى هناك سوء فهم للمثلية في المجتمعات العربية”.

 

 

ورأت أن “الكثيرين كتبوا متسائلين ‘كيف لم تصبح رئيسة الوزراء مثلية؟’”، معتقدين أن “المثلية قرار يتخذه الشخص”. وأضافت: “من الأفكار الخاطئة عن المثلية أن هناك من يلتبس عليه الأمر، ويظن أن الرجل المثلي الجنس هو بالتأكيد ‘بيدوفيلي’، أي أنه يشعر بميل إلى الأطفال”.

وأشارت إلى حال مثلي الجنس العربي الذي يضطر أحياناً إلى “إخفاء ميوله الجنسية واتخاذ أحد القرارين: إما أن يتزوج/تتزوج من جنس مغاير ويعيش تعيساً ويتسبب بتعاسة الشريك المخدوع الذي لا يعرف شيئاً عن حقيقة الميول الجنسية لشريكه أو أن يبقى أعزب ويمارس الجنس بالخفاء ويتعرض لمضايقات المجتمع والخوف الدائم من انكشاف أمره”. وبيّنت أن انكشاف أمره قد يُعرضه للقتل أو في أفضل الأحوال للانعزال من المجتمع.

وتساءلت الإرياني: “لماذا تفضل المجتمعات العربية التضييق على المثليين وتتسبب بتعاستهم وتعاسة آخرين ارتبطوا بهم؟ لماذا لا يتركونهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ويقبلونهم كجزء أساسي من المجتمع؟”.

وشددت على أن المثلية الجنسية “موجودة في الإنسان والحيوان وحتى النبات، وهي ليست مرضاً يحتاج للعلاج وليست نزوة مؤقتة، وبالتأكيد ليست جريمة، وهي حق من حقوق الإنسان، علينا احترامه حتى لو كان مخالفاً لاقتناعات البعض الدينية”.

 

“هل لأنك مثلية؟”

انهالت على الإرياني التعليقات عقب نشرها رابط المقال على تويتر. فبينما اعتبر البعض “أنهم موجودون برغم الكراهية” شاكرين الناشطة والصحافية اليمنية على “إنسانيتها”، جاءت بعض التعليقات الرافضة من قبيل: “أنفولو Unfollow (سألغي متابعتك). مريضة” ما دفع الإرياني للردّ: “قرار جيّد”.

ومما قيل للإرياني أيضاً: “هل الدفاع لأن لكِ ميول (مثلية) ومُحرجة أو فقط لأن لك أصدقاء وتدافعين عنهم؟”، و”مقال غير موفق كما أن اختيار الموضوع غير موفق”، و”حظر بحجم السماء مع إني ما أتابعك. السبب موضوعك الواطي”.

 

“لا تتقبلهم ولكن…”

ونشرت الإرياني مقطع فيديو في 13 يناير/كانون الثاني توضّح فيه مدى أهمية الموضوع قائلةً: “يُعاني مجتمع الميم من ظلم كبير: اعتقالات، تعذيب، قتل، وفي أحسن الظروف يكونون منبوذين أو يقررون إخفاء هويتهم الجنسية”.

ووجهت رسالة إلى من يرفض وجود أفراد مجتمع الميم (أي مثليي الجنس ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسياً) بقولها: “أتفهّم من يقول ‘هذا ما تقوله لنا عقيدتنا أو ديننا’، ولكن ماذا تقول إنسانيتك؟ لا تتقبلهم ولكن هل ترضى بالظلم الذي يتعرضون له؟ أو هل تقبل التحريض عليهم لأنهم يختلفون عنك؟”.

 

“شيخ مكانه السجن”

ليست هذه المرة الأولى التي تُثير فيها الإرياني جدلاً بسبب “أفكارها” الحقوقية. فلها قصة مؤثرة اضطرت على إثرها الانتقال من اسطنبول إلى السويد على أمل الحصول على حق اللجوء.

ففي عام 2017، انتقدت الشيخ عبدالله العديني، عضو الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح (إخوان اليمن)، بعدما كتب مقالاً بعنوان “ملابس الصغيرات بوابة للاغتصاب” برر فيه “اغتصاب الفتيات الصغيرات بحجة أن لباسهن مثير”، وهو ما دفع بالإرياني لقول إن “هذا الشيخ مكانه السجن في الدول التي تقدر الإنسان” كونه “يُشجع على الاغتصاب ويُبرره”.

وجاءت كلماته بعد أيام قليلة من اغتصاب طفلة في الثالث من عمرها، ووفاتها بسببه. قالت الأرياني آنذاك: “بدلاً من التوعية بشأن أهمية معاقبة المجرم الذي اغتصب الطفلة لكي لا تتكرر هذه الجريمة قام الشيخ -المؤثر جداً في وعي الكثير من اليمنيين للأسف- بكتابة مقال يلوم الضحية وسطر واحد يلوم الجاني”.

وتعرضت الإرياني لحملة من الانتقادات على مواقع التواصل عقب انتقادها رجال دين آخرين، من بينهم محمد الحميقاني الذي قال إن “لا داعي للمرأة القبيحة أن ترتدي الحجاب”، فردت عليه: “أنا قبيحة وأفتخر”، ناصحةً إياه بالاستماع “إلى هموم الناس” في برنامجها كل يوم جمعة على إذاعة مونت كارلو الدولية بدلاً من التركيز في خُطبه على “شُعيرات الرأس”.

ولفتت الإرياني إلى أن قناة اليمن الرسمية قالت عنها إنها “امرأة لديها أجندة لتشويه الدين الإسلامي ومدعومة من منظمات دولية”، وهو ما أدى إلى تلقيها تهديدات بالقتل.

رداً على ذلك، قالت: “جاءني اتصال هاتفي يهددني بابنتي ذاكراً اسمها واسم مدرستها في اسطنبول، برغم أنني لا أتحدث عنها. ثم اتصلوا بهاتف ابنتي. ولا أعلم من هي الجهة التي هددتني لأني انتقدت كل الأطراف”.

وحتى آخر مقابلة أجرتها في مارس/آذار الماضي، كانت الأرياني تنتظر حق اللجوء في السويد حيث تقيم حالياً.


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *