أغلبنا يتلقى بصورة شبه يومية الانتقادات والتعليقات التي تبدو سلبية ومسيئة، ونمر جميعاً بخلافات مع الآخرين تدفعنا إلى التشكيك بأنفسنا، والتفكير لأكثر من مرة فيما نقوم به، حسناً كيف إذا نسيطر على كل هذا الكم من المعلومات والبيانات التي قد تكون مسمومة، وكيف نمنعها من التأثير علينا، وألا نسمح لها بتحديد هويتنا، أو كما يقول باحث علم النفس ستيفن هايز كيف يمكننا أن نحلل أنفسنا؟
عندما نشعر بالقلق أو انعدام الرضا، فإن أغلبنا يرغب في القيام بأي شيء للتخلص من هذه المشاعر السلبية، ولكننا عوضاً عن ذلك نتجنبها أو نبحث عن شيء يصرف انتباهنا أو يُهدئ روعنا، المهم أننا نفعل أي شيء كي لا نضطر إلى حل المشكلة ومواجهة الأمر.
يقول ستيفن هايز، أستاذ علم النفس بجامعة نيفادا، إن تغيير علاقتنا بأفكارنا ومشاعرنا، عوضاً عن محاولة تغييرها والتخلص منها، هو المفتاح الرئيسي لعيش حياة صحية وسليمة. تجاهل المشكلة والمماطلة في مواجهة المشاعر السلبية لن يحلها ولن يساعدك على تحسين حياتك، في المقابل يوجد أمامك خيار جيد وهو علاج “القبول والالتزام” الذي يتطلب القيام بأمور أخرى للتخلص من الأفكار السلبية. تساعدك هذه الاستراتيجية على أن تكون أكثر مرونة وتتمكن من التعايش مع ما هو مزعج، مع الإمساك بزمام الأمور، والسيطرة على نفسك حتى لا تغدو رهينة لهذه المشاعر والأفكار الضارة.
وجد هايز وزملاؤه الآخرون أن المرونة النفسية تتكون من عدة مهارات أساسية، وكذلك بإمكاننا القيام ببعض الأمور لكي نُفكك مشاعرنا ونستطيع التعامل مع ما نشعر به، وفيما يلي نستعرض بعضها:
تمرد عن قصد
قف واحمل هاتفك المحمول أو كتاب أو أي شيء آخر معك، وامشِ ببطء في جميع أنحاء الغرفة، وكرر هذه الجملة “لا أستطيع التجول في هذه الغرفة”، استمر في السير وكرر ببطء قُل هذه الجملة وأنت تمشي خمس أو ست مرات، قُل “لا أستطيع المشي حول هذه الغرفة”، والآن يمكنك الجلوس مرة أخرى”.
إنه شيء بسيط أليس كذلك؟ ولكن ما لا تعرفه هو أنها أول خطوات حل المشكلة، خاصة وأنك بهذه الحيلة الصغيرة تتعامل مع الجزء المهيمن والمسؤول عن حل المشكلات في عقولنا، والذي يقودنا دائماً ويقترح علينا حل المشكلات النفسية.
يساعدنا هذا التمرين البسيط على مواجهة أنفسنا، ويؤكد لنا أننا قادرون على التحكم في عقولنا، وهو ما يمنحك حرية أكبر للقيام بالأشياء الصعبة، ويمكنك في نهاية المطاف من الإمساك بزمام الأمور، والسيطرة على كل ما يجري في حياتك.
أعطِ عقلك اسما واستمع إليه بأدب
عندما نتحدث مع شخص آخر ونستمع إليه، ثم نقرر ما إذا كنا نتفق معه أم لا، ولكننا لا نتعامل مع صوتنا الداخلي بنفس الطريقة، لا نفكر في إذا ما كنا قادرين على الاختلاف أو الاتفاق مع ما تخبرنا به أنفسنا. وجدت الأبحاث أن إعطاء عقولنا اسما، والتعامل معها وكأنها شخص آخر، يساعدنا على التعامل معها بصورة أفضل، ويمكننا من التفاهم معها، وإدراك ما نفكر فيه ومعرفة ما نشعر به حقاً.
قدّر ما يحاول عقلك فعله
بينما تستمع إلى أفكارك وتهتم بالثرثرة التي يقوم بها عقلك، فربما عليك أن تشكره على هذه الأفكار، وتناديه باسمه الذي منحته إياه، إذا تحدثت إلى عقلك وأظهرت له أنك ترفض ما يقوم به، فسوف تبقى عالقاً في هذا الصراع، لذلك كن صادقاً، حاول أن تستوعب ما يُخبرك به عقلك، وأن تسمع وتنصت بمنتهى الاهتمام لما يدور بداخلك.
احمل أفكارك معك في كل مكان
اكتب أهم أفكارك وأكثرها سوداوية على قطعة من الورق واحملها معك في كل مكان، على سبيل المثال “أنا غبي”، “أنا غير محبوب”، “سوف أفشل”، وبعد الانتهاء من الكتابة انظر إليها كما لو كانت صفحة ثمينة وهشة أو مخطوطة ذات قيمة كبيرة، واحفظها في حقيبتك أو في محفظة نقودك وأبقيها هناك. أثبتت الأبحاث والدراسات أن هذه الورقة التي تحملها معك، سوف تجعل الأمر أشبه وكأنك أخرجت شيئاً ما من داخلك إلى العالم الخارجي، ما يبث بداخلك شعوراً بالراحة والطمأنينة.
اترك تعليقاً